من أجل أن تكون ناجحاً في مجال تداول العملات الأجنبية (الفوركس)، من الهام جداً في البداية فهم مفهوم "تدفق الطلبات" وكيفية تعامل المُشترين والبائعين لإنشاء حركة الأسعار، فعندها فقط يُمكن للمتداولين فهم كيفية حركة الأسعار بشكل أفضل وبالتالي اتّخاذ قرارات تداول صائبة وأكثر استنارة. حيث تعتبر الآن أسواق الفوركس الفورية هي أكثر الأسواق المالية تداولاً في العالم مع بلوغ أحجام تداولاتها اليومية 6.6$ تريليون تقريباً. وفي كل مرة يتم فيها إدخال طلباً على منصة التداول عبر الإنترنت، سيتم تنفيذ الطلب إلكترونياً بعدها، ومن ثمّ إكمال بعض طلبات التداول الكبيرة من خلال التفاوض اللفظي (ما يُسمى السمسرة بين التجار).

فعلى سبيل المثال، يُريد أحد المتداولين لدى Citibank بيع 200 مليون يورو من أجل ملئ أحد الطلبات في أقرب وقت مُمكن وبأفضل سعر، ولكنه بِحاجة إلى تقسيم هذا المبلغ إلى عدة طلبات وطلب عروض أسعار من صانعي الأسواق المالية والتفاوض معهم مثل بنك JPMorgan و UBS و Goldman Sachs من أجل الحصول على أفضل الأسعار ومن ثمّ تعبئة الطلبات واحداً تلو الآخر. وكما تروا، تعتبر عملية تنفيذ الطلبات الكبيرة عموماً من خلال مؤسسات الأسواق المالية بين البنوك.

وبالفعل، تُشارك بعض شركات الوساطة التجارية المسؤولة عن تقديم خدمات وسطاء التداول للمتداولين الأفراد أيضاً في عملية تنفيذ الطلبات لِيُصبحوا بعد ذلك بمثابة مُشترين أو بائعين لهذه الطلبات، ومنهم شركة PCS و Goldman Sachs و CMC Markets و IG القادرين بالفعل على الحصول على أسعار السيولة من البنوك. حيث تُقدم مثل هذه الشركات خدماتها بشكل أساسي للمتداولين الأفراد وتحتفظ بسجلات تدفق الطلبات التي يتم إنشائها بالفعل عندما يضع المشترون والبائعون في مجال الفوركس طلباتهم المقصودة. وبالتالي، يُمكن أن يكون تدفق الطلبات ذات قيمة كبيرة بالنسبة لِصانعي الأسواق المالية أو شركات أخرى نظراً لأنها تعكس الزخم الكبير والمُحتمل لحركة أزواج العملات الأجنبية.

وعادةً ما تأتي الطلبات بِتداول العملات الأجنبية (الفوركس) بشكل أساسي من الأسواق المالية ما بين البنوك والمسؤولة عن إنتاج نصف تدفقات الطلبات بتداول الفوركس على أُسس يومية. ونظراً لأن سيولة أسواق الفوركس تتحقق بشكل أساسي من خلال هذه الأسواق ما بين البنوك العالمية، فمِن الضروري جداُ دراسة كيفية استخدام هؤلاء المشاركين المؤسسيّين بين البنوك لِمعلومات تدفق الطلبات لاتّخاذ قرارات التداول الصائبة.


اقرأ هذا الخبر| Coeus Capital تختار Alpha Trade Pty Ltd وسيطًا منفردًا ووسيطًا للمقاصة


-ما هي تدفقات الطلبات ؟؟

عادةً ما يكون لدى المؤسسات المالية كالبنوك مثلاً عدداً كبيراً من العملاء حول العالم يحتاجون بالفعل لتداول الفوركس، وتعتبر المؤسسات المذكورة نشِطة للغاية عبر الأسواق المالية مثل أسواق أسعار الفائدة والسلع ويُمكنها أن تعمل كوسطاء تجاريّين وأن تعمل أيضاً على توسيط الطلبات ما بين المشترين والبائعين، وبذلك تتولّد تدفقات الطلبات. ويتمثل مفتاح التداول باستخدام تدفقات الطلبات في تحديد "عُمق الأسواق المالية DOM" التي من شأنها أن تعكس معلومات الطلبات العميقة عبر أسواق الفوركس بالإضافة إلى مستوى أسعار الصرف التي يرغب العملاء في التداول بها.

وعادةً ما تتشابه تدفقات الطلبات مع قائمة الطلبات التي تتّبع تقلبات الأسواق المالية على الرغم من عدم اهتمام بعض العملاء المؤسسيّين للبنوك بكل جزء من تحركات الأسعار، فهم يختارون فقط مستوى سعر مناسب للمتداولين لِتنفيذه في طلبات مُحددة. ومن ناحية أخرى، تسمح تدفقات الطلبات بمعرفة أحجام التداول التي يتم تداولها بالفعل عند مستوى سعر معين ومن ثم يستخدمون هذه المعلومات للتداول وتحقيق الأرباح.

فعلى سبيل المثال، في حال وجدت عدداً كبيراً من طلبات البيع لزوج اليورو/الدولار عند 1.1000، فلا يعني ذلك أنه سيتم تنفيذ طلبات البيع الكبيرة هذه لأنه إذا لم يمسّ سعر الصرف المستوى المذكور 1.1000، فلن يتم بالفعل تنفيذ هذه الطلبات بشكل كامل ولن تنخفض أسعار الصرف بشكل حادّ عندها، ولكن من المُتوقع أن يتم إلغاء هذه الطلبات قبل تنفيذها على أن لا يؤثر ذلك على حركة أسعار الصرف ذات العلاقة.

وتعكس أيضاً تدفقات الطلبات جميع طلبات المتداولين عبر الأسواق المالية بما فيها توجّهاتها وأسعارها وأحجامها، حيث يستخدم العديد من المتداولين معلومات تدفقات الطلبات بهدف زيادة الميزة التجارية لديهم وبالتالي يُعد تدفق الطلبات أكثر ملاءمةً من غيره في أسواق العقود الآجلة، فلا يُمكن لأسواق الفوركس رؤية بيانات مُحددة مثل أحجام التداول. ولا يعني ذلك أنه يُمكن للمتداولين التداول بشكل مُسبق، ولكن يُمكنهم إلغاء طلب التداول في أي وقت. وفي حال لم تكن متداولاً مؤسسياً، فقد يكون من الصعب بالنسبة إليك الحصول على تدفقات الطلبات. حيث يستخدم مُعظم المتداولين المؤسسيّين كل من منصتيّ EBS و Thomson Reuters Dealing التي تسمح لهم بتطوير مؤشرات تدفق الطلبات الداخلية. وبِعبارةٍ أخرى، عندما يكون لدى الوسيط التجاري فرص وصول مباشرة لمنصة EBS، يُمكنه التداول مباشرةً في أسواق السيولة الأساسية عند مستويات السيولة العميقة بحيث يُمكن عندها عرض معلومات تدفقات الطلبات مباشرةً.


اقرأ هذا الخبر| إضفاء الشرعية على NTFs وما الذي تبحث عنه


فلا يسمح لك التداول في المجال كَفرد بالوصول إلى أعماق الأسواق المالية ومعلومات تدفقات الطلبات، ولكن لِحسن الحظ، يُسمح الآن للمتداولين الأفراد بالرجوع للأسواق المالية الأخرى مثل أسواق العقود الآجلة وصناديق الاستثمار المتداولة وأسواق الخيارات المالية من أجل المضاربة على ظروف الأسواق المالية المُتاحة. وتعكس أحجام التداول في أسواق العقود الآجلة المالية التداول الكلي على مدار عقد معين من الزمن خاصة في ظلّ ارتفاع نسبة سيولة العقود الآجلة الخاصة بأزواج العملات الأجنبية بشكل ملحوظ الأمر الذي يضمن إلى حدٍ ما أن أسعار هذه العملات في أسواق العقود الآجلة وأسواق OTC تبقى مناسبة وتمنع أنشطة المراجحة.

أما في حال كانت هناك زيادة ملحوظة في أحجام تداول العقود الآجلة خلال فترة زمنية معينة أو عند مستوى سعر معين، فمن المُحتمل أن يُقرر المتداولون دخول العملية. ومع ذلك، تكمن المشكلة هنا في أنه لا يُمكن كَمتداول معرفة هذه المعلومات بشكل مُسبق، وبالتالي ينبغي تحديد ما إذا كانت هذه الزيادة الملحوظة في أحجام التداول ستدفع الأسعار إلى الأعلى أم ستعمل على إضعافها. ويُمكن بالتأكيد استخدام المزيد من المعلومات حول الحسابات المفتوحة بالفعل لتحديد ظروف الأسواق المالية. وفي حال كانت أحجام التداول أكبر من أحجام الصفقات المالية المفتوحة، فهناك طلبات جديدة ستدخل الأسواق المالية وبالتالي السماح بظروف سوق مالية أكثر إيجابيةً من غيرها. وفي حال لم تكن هناك طلبات جديدة عبر الأسواق المالية، عندها سنعلم أن ظروف الأسواق المالية منخفضة. بالإضافة إلى ذلك، تعدّ البيانات المتعلقة بأسواق الخيارات المالية مثل أسواق العقود الآجلة مفيدة للغاية ويُمكنها أن تساعد في تحديد معنويات وظروف الأسواق المالية الإيجابية منها والسلبية.

وفي النهاية، نقول إن تدفقات الطلبات تعد بمثابة معلومات قيّمة للمتداولين المؤسسيّين والأفراد على حدٍ سواء، حيث يستخدم المتداولون معلومات تدفق الطلبات على الفوركس في فهم ما إذا كان من المُحتمل بالفعل أن تكون الأسواق في اتّجاهات معينة أم ستبقى راكدة كما هي. حيث تعتبر فكرة تدفقات الطلبات عملية لِفهم البُنية الدقيقة المُنشأة عليها الأسواق المالية عبر كل صفقة تجارية والحصول على المزيد من المعلومات وتباينات قوة البيع والشراء الحقيقية في الأسواق المالية من ضمن بيانات ومعلومات التجارة والتداول المُفاجئة. ومع ذلك، تتطور الأسواق المالية والمعلومات الواردة بل وتتناقض بشكل تدريجي، وبالتالي فنحنُ بحاجة إلى مراقبة المعلومات الواردة في كل صفقة تجارية مُسجلة في دفتر الحسابات (الأستاذ) لدينا.