لقد أصبحت الآن منطقة الشرق الأوسط -التي تعتبر موطناً لبعض الاقتصادات العالمية الأسرع نمواً حول العالم- الوجهة الأولى لعدد من شركات الفوركس وعقود الفروقات على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث شهدت دبيّ نفسها زيادة ملحوظة في نسبة شعبيّتها بين مُقدمي الخدمات المالية خاصة بعد الأزمة العالمية المالية الكبرى للعام 2008. فقد أعلن مركز دبيّ المالي العالمي DIFC المعروف بأنه منطقة اقتصادية خاصة في دبيّ -فقط خلال العام 2021- عن تسجيل 996 شركة جديدة، وهو أعلى مستوى يشهده في التاريخ، حيث سجل بذلك ارتفاعاً نسبته 36% عما كان عليه عدد الشركات خلال العام 2020.
وقد مثلت شركات الوساطة المالية الجزء الأكبر من حالات التسجيل الجديدة لدى المركز التجاري العالمي، هذا إلى جانب بعض شركات الوساطة التجارية لفوركس وعقود الفروقات العالمية الذي لديهم بالفعل مكاتبهم التجارية الرئيسية أو على الأقل بعض المكاتب الإقليمية في دبيّ التي تعتبر مركز مالي عالمي يُقدم للمزيد من الشركات المالية فرص عديدة للتوسع على مستويات عالمية نظراً لِموقعها الاستراتيجي. ومن هذه الشركات شركة FxPro التي أعلنت مؤخراً عن توسيع مجال تواجدها وأعمالها في منطقة الشرق الأوسط من خلال مكتب تجاري جديد لها في دبيّ.
ولكن، تجدر هنا الإشارة إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط لا تقتصر فقط على دبيّ أو الإمارات العربية المتحدة، فقد قدمت دول أخرى مثل البحرين والأردن أيضاً نهجاً تنظيمياً مالياً جديد قائم على التكنولوجيا خلال الآونة الأخيرة بهدف جذب المزيد من الشركات المالية الرائدة حول العالم بما فيها شركات الوساطة التجارية لفوركس وعقود الفروقات.
اقرأ هذا الخبر| حصول كريبتو دوت كوم Crypto.com على الموافقة المبدئية من السلطات التنظيمية في دبي
وقال بالخصوص الشريك المؤسس والمدير العام لدى شركة Equiti Group في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيد محمد الأحمد: " من المُتوقع أيضاً أن تشهد دول أخرى غنية بالنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثل الكويت والبحرين حالات نمو متسارعة في المجال ومثلُها عُمان والمملكة العربية السعودية الأمر الذي يجعل منطقة الشرق الأوسط -ودول الخليج على وجه التحديد- مركز عالمي جذاب لِشركات الوساطة التجارية والمالية العالمية. وعلى خلفية المكاسب الغير متوقعة لأسعار النفط، من المُتوقع تماماً أن تنمو المزيد من الاقتصادات في المنطقة بنسبة 5.2% خلال العام 2022، وهو أسرع معدلات النمو منذ عام 2016، وذلك وفقاً لما ورد في تقرير البنك الدولي الأخير الصادر في أبريل هذا العام 2022 ".
وفي الوقت الذي كانت تُكافح خلاله المزيد من المناطق الأخرى حول العالم مع وجود إطارات تنظيمية واضحة للعملات الأجنبية (الفوركس)، فقد تمكنت العديد من الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وخاصة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن من إيجاد التوازن الصحيح بين حماية المستهلكين وتعزيز المنتجات المالية المُبتكرة في بيئة تنظيمية آمنة تماماً.
وأضاف السيد الأحمد: " يُمكن أن يُعزى الارتفاع الحادّ في عدد شركات وساطة الفوركس خلال العامين الماضيين إلى عدد قليل من العوامل المُساهمة وأولها الجهود المبذولة في إقامة إطار تنظيمي مُتقدم للأسواق المالية يتساوى مع المعايير المالية العالمية التي من شأنها أن تعمل على حماية كل من وسطاء الفوركس والمتداولين الذين ساهموا في توفير بيئة مالية أكثر أماناً وجاذبية وتمكيناً ".
وأشار أيضاً السيد الأحمد إلى أن الإدارة الفعالة لِجائحة كورونا Covid-19 وغيرها من الأحداث العالمية مثل معرض EXPO 2020 العالمي قد ساهمت أيضاً في جذب المزيد من المستثمرين في المنطقة بما فيهم شركات وساطة الفوركس.
وقد قالت من جهتها السيدة فرح مراد من منصب كبير مُحللي الأسواق المالية لدى شركة XTB في منطقة الشرق الأوسط إنّ هذه المنطقة قد غيرت نفسها خلال السنوات القليلة الماضية بسبب اعتماد المزيد من التكنولوجيا في مختلف المجالات، وقالت أيضاً إنّ النهج الذي اتبعته دبيّ في العمل في منتجات التجارة المالية الناشئة قد سمح للمزيد من الوسطاء التجاريّين إطلاق وتوسيع أعمالهم التجارية ومُعاملاتهم في المنطقة.
اقرأ هذا الخبر| مستثمرو العملات المشفرة يخسرون مليار دولار في عمليات الاحتيال خلال آخر 15 شهرًا
ومما ورد عنها حول ذلك: " توفر دبيّ بيئة مالية مُواتية تماماً للشركات المالية إلى جانب نظام قانوني وتنظيمي ملائم تماماً وخدمات بُنية تحتية مناسبة، وهناك دولة أخرى من دول مجلس التعاون الخليجي وهي الكويت والتي قامت مؤخراً بالفعل في بناء سوق مالي مُتقدم بأكبر العملات العالمية القيّمة، وهي البيئة المالية التي أفادت أسواق الفوركس المالية الذي يعمل بنك الكويت المركزي على تنظيمها بهدف تقديم المزيد من المنتجات المتنوعة الخاصة بعقود الفروقات المُقدمة للمتداولين الملتزمين تماماً بالمعايير العالمية لتداول العملات الأجنبية مع الاستفادة من قيود تنظيمية أقل صرامة ".
أما عند الحديث عن الاقتصادات العالمية القوية، فتُعدّ معدلات الضرائب على الشركات التي تتبعه من مختلف البلدان من منطقة الشرق الأوسط نفسها من بين أدنى المعدلات في العالم، فقد اكتسبت دبيّ -بفضل المناطق الاقتصادية الخاصة- شعبية كبيرة بين الشركات العالمية الراغبة في الابتكار بصورة أكبر في مجال الخدمات المالية. فقد تمكنت خلال الفترة الأخيرة من ترسيخ نفسها ومكانتها كمركز تجاري عالمي لِروّاد الأعمال العالميّين المُهتمين بمزيدٍ من الابتكار، وهذا هو السبب في أن المنطقة لا تحظى بالفعل بشعبية كبيرة فقط بين الشركات المعروفة، ولكن أيضاً بين المزيد من روّاد الأعمال الذين يُخططون الآن لإطلاق شركة ناشئة تركز في أعمالها على العملات الأجنبية (الفوركس) وعقود الفروقات.
وقال من جهته مدير قسم المبيعات لدى بورصة Amana Capital السيد عمر المصري مُوجهاً حديثه إلى الموقع الإخباري هذا: " إنّ هناك العديد من العوامل التي كانت تُمهد بالفعل لتوسيع أعمال ومجال الفوركس في منطقة الشرق الأوسط، وأعتقد الآن أن دولة الإمارات هي الآن وُجهة العديد من روّاد الأعمال حول العالم لما تتميز به من استقرار وخدمات وتنوع ومساواة وفرص عمل. حيث إنني رأيت خلال العامين الماضيين المزيد من الوسطاء الماليين الذين يحاولون بالفعل تأمين مكانتهم في دبيّ أو في الإمارات العربية المتحدة بشكلٍ عام ".
والآن ومع تزايد أعداد وسطاء الفوركس وعقود الفروقات التجاريّين في المنطقة إلى جانب استراتيجيات النمو القائمة على التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط للسنوات القادمة، فلن يكون من المفاجئ رؤية المزيد من الوسطاء العالميّين يختارون المراكز المالية مثل دبيّ كوجهة رئيسية للتوسع ".
0 تعليقات